U3F1ZWV6ZTE3MTY2ODM2NjAxNzAwX0ZyZWUxMDgzMDMyNDk1OTM1MQ==

أريجوني" فدائي ايطالى عشق فلسطين


كتب محمد داود
خرج الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه وفئاته قيادات وفصائل ومجتمع مدني لتعبر عن مدى استنكارها وإدانتها الشديدة لجريمة قتل الصحفي الإيطالي فيكتوريو أريجوني، إذ تعتبر الجريمة بشعة بحد ذاتها وصفحة سوداء في أصالة وتاريخ البشرية التي يدافع عنها الإنسان الفلسطيني وعبر صيرورة تاريخية حافلة بكفاحه المرير ضد الاحتلال الإسرائيلي البغيض، فكان قتل المتضامن أريجوني صفعة للوطنية وللمواطنة الفلسطينية، وخيانة عظمى وإساءة للإسلام السمح الحنيف، يتحمل الجناة المسؤولية الكاملة فيه عن مقتل أريجوني بث في شريط مصور ظهر فيه المغدور منحني الرأس أمام الموت وهو معصوب العينين ومكبل وفي الخلفية تظهر شعارات الجماعة السلفية المختطفة ونشيد متزمت، وكأن المشهد في أحد ضواحي العراق الذي نهشته فتنة الطائفية راح ضحيتها الملايين من أبناء الشعب العراقي الشقيق.
        القتلة لم يعاملوا الرهينة بالحسنى ولم يحترموا حقوق الأسير، فضربوا بعرض الحائط كافة المواثيق والحقوق والأخلاق والقيم السمحة، فارتكبوا فعلتهم الآثمة الغريبة عن عادتنا وتقاليدنا وثقافتنا كشعب فلسطيني حر يثمن جهود الشرفاء، والمنافية للدين الإسلامي والقيم الحميدة، التي تدعو إلى وجوب احترام النفس الآمنة المدافعة عن التراب الوطني، بل تقديسها وتمجيدها لأهميتها كصوت يخترق أثير الشعوب الغربية لنصرة قضيتنا العادلة ويروي لهم قصص ومعاناة أهل فلسطين ويكشف جرائم العدو الإسرائيلي الذي يرتكب مجازر بحق الشعب الفلسطيني في حرب الفرقان وما قبلها إلى الآن، استخدمت إسرائيل خلالها أسلحة محرمة دولياً وقتلت الآلاف المدنيين الفلسطينيين العزل. كان المرحوم المغدور أريجوني فيها شاهداً وسفيراً وناقلاً للحقيقة فحمل الهم الوطني الفلسطيني والإنساني، وجعل من جسده مدونة ولوحة فنية عبر فيها عن مدى حبه لفلسطين فعشق حياة الإنسان الفلسطيني وقرر أن ينخرط ويمارس عمله الفدائي من موقعه إيماناً منه بالعدالة والحرية في مواجهة جرائم إسرائيل، في وقت تهرب المجتمع الدولي وتخلى عن مسؤولياته بل أخذ يبحث عن مخرج يسقط فيه قانونية الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، لشطب تقرير غولديستيون ومنعه من إدانة إسرائيل وقادتها كمجرمي حرب.
          فقتل الصحفي أريجوني كان مفزعاً أساء للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية، ولم يكن الحل المناسب لتحقيق مطالب الجماعة الخاطفة لإيصال صوتهم، أو لتحقيق مطالبهم من إطلاق سراح قادة تنظيمها السلفي والمحتجزين في سجون الحكومة المقالة في قطاع غزة. وقد أمهل التنظيم حكومة غزة يوم وربع اليوم أي (30 ساعة) من أجل إطلاق سراح قادتها وإلاّ سينفذ حكم الإعدام بحق أريجوني، لكن الجماعة المختطفة لم تنتظر إلى حين نفاذ المدة فباشرت بإعدام الرهينة أريجوني بعد أن تسربت معلومات عن نية الأجهزة الأمنية في قطاع غزة معاقبة المختطفين وشن حملة اعتقالات في صفوف عناصرها ساعدت في كشف المكان انتهت بقتل الضحية.
     في جريمة اختطاف أريجوني هذا المناضل الشريف الذي لا تكاد تخلوا صورة وإلا عبر خلالها عن حبه وانتمائه لفلسطين، حباً وعملاً فكان صادقاً وصديقاً ومتعاطفاً، جاء لفلسطين من وراء البحار متحدياً الموت من على سفن كسر الحصار وفي أكثر من موقف إلى غزة على وجه التحديد ليتضامن ليس بالحضور بل بالفعل، فرفع راية فلسطين عالية خفاقة واعتمر الكوفية الفلسطينية وقبل جبين الشهداء والجرحى والمصابين حتى كتب على أعضاء جسده شعارات المقاومة والاستقلال تيمنا وإعجاباً وفخراً بمقاومة الشعب الفلسطيني. فمنزلته لا تقل عن منزلة جوليانوا خميس الذي قتل في جنين قبل شهر. وكلاهما لا يقلان عن منزلة الشهيدة الأمريكية المتضامنة راشيل كوري التي داستها جرافات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة رفح وهي تدافع عن كرامة الإنسان الفلسطيني وحقه في الحياة والثبات على أرضه.
        لكن جريمة قتل أريجوني عبرت عنها الظروف المنحدرة التي يعيشها المواطن الفلسطيني في قطاع غزة لاسيما الصحفيين الذين باتوا تحت مقصلة النظام بعد سلسلة من الانتهاكات بحق الحريات الصحفية، خلال هذا الشهر الحافل بالاعتداءات والانتهاكات بحق الحريات الصحفية والصحفيين مارستها عناصر من الأجهزة الأمنية ومسلحين يتبعون لفصائل محسوبة على النظام. تلك مهدت وفتحت المجال أمام مزيد من الاعتداءات بدلاً من اعتماد ثقافة الحوار وحرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي .
   لذلك نطالب بتحسين صورة الشعب الفلسطيني في المحال الدولية بمواصلة حملات الاستنكار للجريمة ونطالب بتنفيذ أشد العقوبات بحق الجناة
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة